ارفع رأسك عالية, أنت المصري
الضارب في جذر الماضي, والعصري
خالق أديان المعمورة, مكتشف الهندسة, ومبتكر الري
صاحب درس التحنيط, ومبتدئ الرقص,
وخلاط القدسية بالبشري
ارفع رأسك عالية, أنت المصري
الصامت صبرا لا إذعانا,
بل تطويل للحبل الشانق كل بغي
لا جرت على جار, لا لوثت مياه النيل, ولا أنكرت نبي
أنت موحد شطرين,
وواصل شطين
وجامع أشلاء فتاك على دلتا النهرين,
ونساج الظلمة بالضي
ارفع رأسك عالية, أنت المصري
المبدع أن الدين لرب الأديان,
وأن الوطن مشاع للناس سويا بسوي
المانع عن بابك أمواج غزاة
فرسا, هكسوسا, أتراكا,
وفرنجة أوروبا, والصهيوني
أنت الواحد في الكل,
وأنت الكل المتلخص في الواحد,
فرد جمعي أو جمع فردي
ارفع رأسك عالية, أنت المصري
زعموا أنك خناع, قناع
فكنست الزعم بمعجزة في الرفض الجذري
تمشي من عصر الشهداء الأقدم,
حتى عصر الشهداء الأحدث
كل شهيد قديس وولي
تعويذة أهل العرب,
وإلهام الشرق,
وقنديل الزمن الجي
ارفع رأسك عالية, أنت المصري
كريم العنصر مضفورا في العنصر,
فكنيس بالمسجد. كهان بشيوخ.
راهبة بالمقرئ, ونسيج وطني
علمت الدنيا أن العسكر ليسوا خصما للصبية,
بل قطع من لحم الصبيان الحي
أنت حكيم القرية, وبتول المدن, رسول حضارات,
شيخ وفتي
ارفع رأسك عالية, أنت المصري
أنت الذروة, وعلو, والعلياء,
وأنت العمق, القاع الغائص, والتحتي
أنت رقيق, راق, رقاق, ورقي
الضارب في جذر الماضي, والعصري
ارفع رأسك عالية, أنت المصري
************************************
هدهدة إلى رقي
سيجئ مع الطل رقي
في يده سعفة نخل خضراء,
وفي بسمته الضي
سيجئ مع الطل رقي
مغموسا بدم الزهرة,
مضفورا بصراخ المهرة,
مقطوعا من لحم الحي
سيجئ مع الطل رقي
الحبل السري هو القبلة بين العاشق والمعشوقة,
ومياه الطلق هي الريق الواصل بين
لسانين حبيبين بليل,
ومشيمته ظل أوفي
سيجئ مع الطل رقي
هلته ستكون مزيجا من شهوات رجيم
وطهارات نبي
سيجئ مع الطل رقي
يحمل دفء المهرات الحرى,
وعيون القطط الخماشات,
وضحكات النمرة,
وخشوع الساجد في المحراب القدسي
سيجئ مع الطل رقي
يتشكل من ماء الظهر لرجل هام سنينا في
البيداء وراء سراب الري
وهداه الله إلى نبع فياض دفاق,
وسخي
سيجئ مع الطل رقي يتشكل من خلجان مفتوحات لامرأة
شرخت بين ثلوج الوحدة في الليل,
وبين فؤاد مجروح وظمي
سيجئ مع الطل رقي
حرا, بهاجا, وعطوفا, حنانا, وبهي
سيجئ مع الطل رقي
فيقول الشاعر هو من صلب الدمع, ومن
قعر اللغة المعجونة بالأبحر, من
رعشات يدي
الوافر رمان امرأة يتساقط بين يدي
الرجز خرابات تتحول لجنائن وبحيرات وقناديل
معلقة في كتفي
المنسرح الظهر إذا انبسط رحيما كصلاة تقي
الرمل البقع الحمراء إذا سالت فوق ملاءات
بيضاء أو انسربت في شفتي
الخبب: الكيمياء تمر من الشعر إلى النغمات,
إلى النطفة,
فيطل ملاك مجلو وجلي
مجزوء الكامل: جدول جمر يسري بين نعيمين:
الجمر صفي ونقي
الكامل: نزف الشهر إذا انقطع ليقبل في الطل
فتانا:
مزهوا بالحب,
فتيا, وفتي
سيجئ مع الطل رقي
فتقول موزعة اللحن: هو الآتي من شوق الجسد
إلى الطيران, ومن روح الموسيقى,
من نزة نهدي
هو سلم نغمة أعماري:
دو: دوري مقفرة تنتظر الخضرة
والمطر ليغدو قلبي ريانا
وندي
ري: ريقي جاف يتشهى الماء, فإن جاء
مع الحلم يصير الغصن المتيبس رطبا
وطري
مي: ميلي يادنيا لي, واطوي جفاءك
لسنيني طي
فا: فاصلة بين الحلكة والنور تجي مع
الشفق, فيشفي صدري من مشوار
الحزق ومشوار الكي
صو: صوني يانفسي نفسي من غل مكائد
أهل الكار وأهل الحي
لا: لا تنس امرأة شالتك بقاع حشاها
وهنا فوق الوهن, لتشرق في يدك
اليمنى الأرغول, وفي يدك اليسرى الشعر,
وقلبك حي وحيي
سي: سيري أيتها الأقدار كما يهوى
العاشق والمعشوقة, ضمي برضاك
نجيا لنجي
سيجئ مع الطل رقي
يسألني: من سيدة أعطت رئتيها لجنين في
الغيب؟
أجيب: المهرة إذ صاحت: صب الجمر
على شفتي
سيجئ مع الطل رقي
يسألني: ماذا طبع الحسن على خدي
فأجيب يمامات طارت فوق سرير الرحمن,
وحطت بعد التجوال على زندي
سيجئ مع الطل رقي
يسأل سيدة ساخنة:
من رجل بذر الأرز؟
تجيب: الصوفي الشهواني, الشهواني الصوفي
يسأل سيدة ساخنة:
من همس لبطنك بهسيس الرؤيا,
من مس السرة بالكفين فلامستا تحت
السرة كفي؟
فتجيب: ابن الفلاحين الشاتل أشجارا
في حقوي
سيجئ مع الطل رقي
وسينشد رجل مخبول مع سيدة ساخنة
أغنية استقبال للقادم في هودجه
الذهبي:
جئت مع الطل رقي
كن كوة نور للماشين على الظلمات
يتوهون بهذي الدنيا بين ضلال القلب
وبين ضلال الغي
جئت مع الطل رقي
كن جرعة ماء للظمآن وللظمآنة,
حتي يصبح هذا الزمن سليما وسوي
جئت مع الطل رقي
أنت عصارة كبدين حزينين
فكن بردا وسلاما,
كي يغدو الميت فينا حيا, حي
جاء مع الطل رقي
قالت سيدة ساخنة:
أنت الروح القابع في,
وقال الرجل المخبول:
وأنت الروح القابع في
جاء مع الطل رقي
*****************************************
العَسْكر
كنا نخشى العَسْكرَ،
ونراهم مسكونين بشهوات السلطة،
منقلبين، وقلابين،
بغاةً، وطغاةً،
حتى لو كانوا ضباطاً أحراراً، وحُرّين،
فهم قتلة نيرودا،
هم من رشّوا اللينّدي برصاص الغدر،
ورشّوا لوركا برصاص الغدر
وصاروا آلهةً علويّين،
وهم من فردوا أجنحتهمُ السوداءَ على الأشجار،
لتغدو الأشجار خفافيشَ،
ويغدو الزمّارون أساطين.
كنا نكره رائحة العسكر،
ونراهم أحذية قاسية الوطء،
تدوس الزهرات المنفتحات بحقل الدنيا:
إسلاميين، شيوعيين، وجوديين،
ولكن العسكر في مصر الغضبانة صاروا مختلفين:
أخذوا ورداً من صبيان الحارات،
وحطّوه على ماسورات المدفع،
مسرورين وحنانين،
ابتسموا للفتيان وللفتيات
وتركوا أيديهم تكتب فوق الآليّات:
«زمانٌ زُورٌ راحَ،
ونحن بشارة آتين».
كنا نكره رائحة العسكر:
عطناً، خيلاء، ونياشين،
ولكن العسكر بعد يناير
صاروا أبناء شيوخ الميدان
وآباء صغار الميدان
ووضعوا الطفلة فوق الدبابة
في كفّيها عَلَمٌ خفّاقٌ، وحمامات، وسحابة
أجابوا ندهة مكسورين:
«ليذهب قهر القهارين»
وغنوا أغنية الجمع:
«الشعبُ، الجيشُ:
يدٌ واحدةٌ»
كنا نخشى العسكر
لكن العسكر في أم الدنيا معجزة،
رنت فوق النيل الأهزوجةُ عاليةً:
«أنا الشعب لا أعرف المستحيلا
ولا أرتضي للخلود بديلا»
حينئذ،
أدى العسكر للشهداء تحية حرب،
ليصبر الشهداء بذاكرة المعمورة:
أحياء، حيِّين.
فسلاماً للجندي إذا انهزم على خط النار
بفعل القوّاد المنهزمين،
وسلاماً للجندي إذا انتصر على خط النار
بفعل الطاقات المكبوتة في مكبوتين،
وسلاماً للجندي إذا حفظ دماء الأهل.
كنا نخشى العسكر،
لكنهم الليلة حُراس الحلم:
أمينين،
ومأمونين.
ونراهم مسكونين بشهوات السلطة،
منقلبين، وقلابين،
بغاةً، وطغاةً،
حتى لو كانوا ضباطاً أحراراً، وحُرّين،
فهم قتلة نيرودا،
هم من رشّوا اللينّدي برصاص الغدر،
ورشّوا لوركا برصاص الغدر
وصاروا آلهةً علويّين،
وهم من فردوا أجنحتهمُ السوداءَ على الأشجار،
لتغدو الأشجار خفافيشَ،
ويغدو الزمّارون أساطين.
كنا نكره رائحة العسكر،
ونراهم أحذية قاسية الوطء،
تدوس الزهرات المنفتحات بحقل الدنيا:
إسلاميين، شيوعيين، وجوديين،
ولكن العسكر في مصر الغضبانة صاروا مختلفين:
أخذوا ورداً من صبيان الحارات،
وحطّوه على ماسورات المدفع،
مسرورين وحنانين،
ابتسموا للفتيان وللفتيات
وتركوا أيديهم تكتب فوق الآليّات:
«زمانٌ زُورٌ راحَ،
ونحن بشارة آتين».
كنا نكره رائحة العسكر:
عطناً، خيلاء، ونياشين،
ولكن العسكر بعد يناير
صاروا أبناء شيوخ الميدان
وآباء صغار الميدان
ووضعوا الطفلة فوق الدبابة
في كفّيها عَلَمٌ خفّاقٌ، وحمامات، وسحابة
أجابوا ندهة مكسورين:
«ليذهب قهر القهارين»
وغنوا أغنية الجمع:
«الشعبُ، الجيشُ:
يدٌ واحدةٌ»
كنا نخشى العسكر
لكن العسكر في أم الدنيا معجزة،
رنت فوق النيل الأهزوجةُ عاليةً:
«أنا الشعب لا أعرف المستحيلا
ولا أرتضي للخلود بديلا»
حينئذ،
أدى العسكر للشهداء تحية حرب،
ليصبر الشهداء بذاكرة المعمورة:
أحياء، حيِّين.
فسلاماً للجندي إذا انهزم على خط النار
بفعل القوّاد المنهزمين،
وسلاماً للجندي إذا انتصر على خط النار
بفعل الطاقات المكبوتة في مكبوتين،
وسلاماً للجندي إذا حفظ دماء الأهل.
كنا نخشى العسكر،
لكنهم الليلة حُراس الحلم:
أمينين،
ومأمونين.
*****************************************
نشيد الفساد
فسد, وفساد, مفسود, وفساد, جيش, أسلحة, وعتاد, شرة,
وعناد, نحن النهابون الموهوبون, سنبلع أرض كنانتنا
ونغني "نعشق مصر", نبدد حقل القطن لنستورد أقمشة
من شركاء الدرب, نحول أفدنة القمح إلى منتجعات
مغلقةحتى نرتاح هنيهات من رهق النهب, ونجلب قمحا
من خلف البحر مليئا بالسرطان, لينتعش المستشفى
الاستثماري, ويشتغل أطباء الأورام, ويشتغل
اللحادون, لكي نمنع مأساة الطوفان السكاني من المنبع,
نحن النهابون الموهوبون, عناق السلطة والثروات, قران
الطبالين مع الطبالات, وعشاق إتاوات عن شم هواء لوثه
عادم سيارات الفكر المتجدد, حسابون, محاسيب,
ومحسوبون, لكي يطمن مصريون على مستقبل
أولادهمو إن هم نكشوا في أكوام قمامات عن لقم
لتسد الرمق فلم يجدوا إلا العفن المسموم, ولم
يجدوا غير مذلات الروح, فساد, فسادون, ومفسدون,
نكهن شركات الصلب لنجعلها في التو خرابا, نشري
في الليل ترابا ونبيع على الصبح ترابا, نأخذ حلما من
مكسورين, ونعطي للمكسورين سرابا, نحن المرتزقة
محروسون بعين الله الراعية, ومبروكون بدعوات
الأم, ومحسودون من الشرذمة الدنيا, نحمي غلتنا
اليومية بالبغل وبالفتونة وبالأغنية إذا غنت " نعشق
مصر", فنحن السمسارون المنتشرون, الستارون
المستورون, سكاكين ومنشارون, ونحن الورثاء
الشرعيون لقطاع الطرق اللطفاء, لصوص الشقق المفروشة,
ورثاء مماليك البحرية, نعشق مصر نحط عصيا في عجل
النول ليتعطل حتى نقتنص الناسج والمنسوج, ونحن
النهابون الموهوبون, وسيلتنا: المطواة, وقانون طواع نحن
وضعناه بليل, رايتنا: تجريف بالتشريع وبالشرع, وغايتنا:
الأرض لمن يسرقها, والمصنع لمخربه, والمال لغساليه
المغسولين, وشارتنا: الطغمة, نحن النهابون الموهوبون,
ومصر هي الكنز المكنوز, نعب, نعب, هي النبع الصافي
أعطاه السلطان لنا وهو يقول: انهبوا مصر إن شاء الله
آمنين
****************************************
نشيد اللوتس
يستيقظ موتى من عمق التابوت
فى أيديهم ورد أبيض، واللوتس، ورد أحمر، سنبلة، يرمون بها عرش الطاغوت
جاء المنياويون، سوايسة، إسماعيليون، وصيادو
الثغر، الطنطاويون، بنات المنصورة، ليس يخيف الطفلة منهم كرباج الرهبوت
وقف الخلق يبصون جميعا كيف سنبنى المجد على أطلال الجبروت
الليلة صعدت فى الميدان شموع
كانت ماء ودماء تمتزجان، فتولد من مزجهما رايات, رآيات،وهلال بصليب, شرفات، وقلوع مدن، وكفور، حارات, ونجوع
إسلاميون، ونجارون، شيوعيون، وعشاق،
أرثوذكسيون، وصبيان العشوائيات،
وعلماء, نساء يحملن الرضع فوق الكتف, وسباكون، وفوق الهامات العطر المصرى يضوع
زخات فى الصدر، وزخات فى الظهر، ودبابات
فوق ضلوع
يتشكل نهر من لحم ودموع
كان رصاص وخلاص يكتب سطرا بكرا،
قداس الأحد، وأكباد تحت مجنزرة، وصلاة الغائب، عرس الدم السائل ينقش زمنا أبيض للناس وللناسوت
كان القائد إبراهيم يراقب لمع الغضب فجاءت إيزيس تلملم أشلاء، جاء الفلاح الأفصح،
جاء عرابيون، ودرويش الحضرة، فى حنجرة واحدة،
حتى ينتبه اللاهون،
وحتى يندحر اللاهوت
طفل ينزع عن عورة ملك ورق التوت
كانت كعكات حجريات تعلن نوبة صحيان،
فتهل كمنجات، وبيانو، نايات، عوادون كفيفون،
الرسامون التلقائيون, زغاريد، ومزمار بلدى، ورباب
كتب التاريخ شباب
جاوبهم مكبوتون، وطلاب كرامة نفس، مرضى
سرطان القمح , ومجروحون، ضحايا ذل وخراب تهوى فى العزف أباطرة, ومماليك، جراكسة، ولصوص
محترفون، بغال من طبقات وحشيات،
هجانة إبل، ونعيق غراب
ينزاح عن القلب المكسور حجاب عندئذ، طفل ينزع عن عورة ملك ورق التوت يبنى مدنا فاضلة بالعدل، وأبوابا للحرية تطرقها
كف بالقهر مضرجة، وقرى ليست ظالمة الأهل، تعيد إلى الدنيا ميزان الملكوت فيقول شقيق لشقيق
من يهتف ليس يموت
يتشكل نهر من لحم ودموع
» ارحل يا خفاش الليل » ليرحل إذعان وضلال
وخضوع
هذاعباد الشمس, وهذا فوران الفطرة,
وعناق البهجة بالبهجة،
صنم يتهاوى، لتنز بلبن الرى ضروع
فيطل أبو ذر، ويطل حرافيش، ومئذنة، والأفغانى، وصابئة، ومشرفة، ويسوع
الجمع هو المفرد،
والمفرد فينا تلخيص جموع
بدأ الفتية إنقاذ الملكوت
فاهترأ العسس المهترئون،
وفر القتال ابن القتال, انكسر الجبروت
قال شقيق لشقيق: من يهتف ليس يموت
زخات فى الصدر، وزخات فى الظهر، ودبابات
فوق ضلوع
يتشكل نهر من لحم ودموع
كان رصاص وخلاص يكتب سطرا بكرا،
قداس الأحد، وأكباد تحت مجنزرة، وصلاة الغائب، عرس الدم السائل ينقش زمنا أبيض للناس وللناسوت
كان القائد إبراهيم يراقب لمع الغضب فجاءت إيزيس تلملم أشلاء، جاء الفلاح الأفصح،
جاء عرابيون، ودرويش الحضرة، فى حنجرة واحدة،
حتى ينتبه اللاهون،
وحتى يندحر اللاهوت
طفل ينزع عن عورة ملك ورق التوت
كانت كعكات حجريات تعلن نوبة صحيان،
فتهل كمنجات، وبيانو، نايات، عوادون كفيفون،
الرسامون التلقائيون, زغاريد، ومزمار بلدى، ورباب
كتب التاريخ شباب
جاوبهم مكبوتون، وطلاب كرامة نفس، مرضى
سرطان القمح , ومجروحون، ضحايا ذل وخراب تهوى فى العزف أباطرة, ومماليك، جراكسة، ولصوص
محترفون، بغال من طبقات وحشيات،
هجانة إبل، ونعيق غراب
ينزاح عن القلب المكسور حجاب عندئذ، طفل ينزع عن عورة ملك ورق التوت يبنى مدنا فاضلة بالعدل، وأبوابا للحرية تطرقها
كف بالقهر مضرجة، وقرى ليست ظالمة الأهل، تعيد إلى الدنيا ميزان الملكوت فيقول شقيق لشقيق
من يهتف ليس يموت
يتشكل نهر من لحم ودموع
» ارحل يا خفاش الليل » ليرحل إذعان وضلال
وخضوع
هذاعباد الشمس, وهذا فوران الفطرة,
وعناق البهجة بالبهجة،
صنم يتهاوى، لتنز بلبن الرى ضروع
فيطل أبو ذر، ويطل حرافيش، ومئذنة، والأفغانى، وصابئة، ومشرفة، ويسوع
الجمع هو المفرد،
والمفرد فينا تلخيص جموع
بدأ الفتية إنقاذ الملكوت
فاهترأ العسس المهترئون،
وفر القتال ابن القتال, انكسر الجبروت
قال شقيق لشقيق: من يهتف ليس يموت
في أيدينا ورد أبيض, واللوتس, ورد أحمر,
سنبلة,
نرشقها في عرش الطاغوت
يا خى استيقظ موتى من عمق التابوت.
يا خى استيقظ موتى من عمق التابوت.
*********************************
سالي زهران
لو أني كنت رأيتك قبل يناير,
كانت أسرتني عيناك الصاحيتان,
وخطفتني خصلات الشعر المتروكة ببدائية . .
رسام بوهيمي حول الوجه الصابح,
أبيض كحليب مأطور بالضربات التلقائية من
أسود فحمي
فأنا تخلعني من جذري فطريات الحس
لو أني كنت رأيتك قبل يناير,
كنت وقعت كصب في حبك مغروما,
مثل كثير عزة,
أو قيس الممروض بليلى,
أو وضاح اليمن المقتول بليل,
فأنا أهوى تقليد أساطير الحب العربية
حيث الخبل وكسر الأنماط,
وحيث عجائب مشي دماء لدماء
..................
كانت ستكون هنالك مشكلة
تتجسد في الهوة بين العمرين:
أنا عمري يتجهز للمغرب,
فيما عمرك يتجهز للبدء
وساعتها, كانوا سيقولون,
تعانين – كما في الأسطورة – من عقد
هيام الابنة بالأب المانح
تحنانا مفقودا,
دفئا مسلوبا,
وأمانا سرقته الأيام السراقة
يقولون علي:
المتصابي,
الناكص نحو شباب راح,
الغارق يهوى بنتا في عمر ابنته حنين,
الباحث عن نبضة بدن في هرم الشيخ
المتصدع
.......................
ما كنت لأهتم بهذي التخريصات ,
وهذا العقل الجمعي الحساد,
وكنت سأعلن أن القلب له قانون مخصوص,
وجنوح الروح إلى الروح خروج عن ناموس العزف,
وصنارتنا: الحلم بوطن طفل,
والكيمياء السائلة بأفئدة
كانت ستكون المشكلة الثانية فروق الأزمنة:
أنا – في منظورك – جيل تقليدي عبرته المرحلة,
ومازال يعيش على المنشور السري وتضليل
المخبر وصراع الطبقات ومطبعة الرونيو,
فيما أنت – بمنظوري – بنت هائمة في كون فرضي
روشنة,
لغة موجزة مضمرة أو معلنة,
وأغان سهلات لا مدروسات أو متقنة,
تكبير دماغ عن لغة أم أوتاريخ عربي
أو هم في الدنيا
مع أن هموم الدنيا طاحنة
....................
كانت ستكون المشكلة الثالثة: المعرفة أو المرجع,
كنت ستشكين – صباحا – من شغفي
بالعقاد وطاغور وذي الرمة,
ومساءا, من غرقي في الحنطور وذكرى هبات
السبعينيات ومأساة الصوفيين
وكنت سأشكو صبحا ومساء
من جلستك الأبدية قدام الحاسوب:
حوارات, ونقاشات,
وبريد مخفي, غرف للجمع, وشات,
تدوين, ومواقع, ومواعيد لقاء مضروبات,
وجه كتاب مرقوم, كلمات مرور سريات,
ورسائل بالرمز, وشاشات
...........................
لو أنا كنا التقت الأوجه منا قبل يناير,
كنت سأجهد أن أتجاوز فجوات العمر,
وأعبر فرق الأزمان,
وأجبر شج المعرفة,
لأني أهوى ترميم الجسر الرابط بين الشطين,
وأهوى كشف المشترك الأعظم بين نقيضين,
أبين أن التاريخ الصحي هو الوصل وليس القطع,
وأن السبعينين كأمثالي عصريون,
وأن الأجيال الحية حلقات متواصلة
لا مستأصلة,
وكذلك كنت ستسعين إلى رأب الصدع,
تشيرين إلى أن النصف الناقص
يبحث عن نصف,
فإذا الوردة هائلة
ويد الدنيا طائلة
ويكون كمال مكتمل
حيث الماضي والحاضر والمستقبل عائلة
وهنا نتلاقى في مقت الجبر وكره زبانية التعذيب,
ونتقاطع في تلوين رسوم الحرية والعدل,
رسوم, فرقان, فاروق,
تقسم بين العهدين وفاصلة
...............................
حينئذ كنت سأذهب معك إلى الميدان الغضبان
ذراعك بذراعي,
ومعا نهتف أن الشعب يريد
وأن القدر يجيب
وبين هتاف وهتاف
أرفع خصلتك المتطايرة عن العينين الصاحيتين,
وأعطيك الماء لبل الريق المتنشف من جمعات
الترحيل,
وأمسح عرقا يتصبب من جبهتك المرفوعة لسماء
القاهرة,
فيتلاحم صوتانا في الصرخة
تندغم حبال الحنجرتين,
إذا صبت بنت متبسمة ماء وضوء للشيخ
المتبسم
فيما يتلألأ في ظهر الميدان صليب فوق النهدين
لو أنا كنا التقت الأوجه منا قبل يناير
كنت تلقيت بديلاً عنك الضربات على الرأس
إلى أن يأتي نزف المخ,
لأني ذو خبرات سابقة في نزف المخ,
وكنت أطير بديلاً عنك إلى كنف الرحمن
بدون خسارات كبرى,
فأنا عشت وأحببت: رأيت خفوتي وبهائي,
وكتبت, وثرت: فحصلت ثوابي وجزائي,
وتعثرت, وقمت: فعاينت نعيمي وشقائي,
سنواتي خلفي, والأحلام ورائي
لكن أنت تعيشين لأنك آتية:
سترين على مرمى حجر أحلامك,
سنواتك قدامك,
تختارين بوثبة روح حبك وهيامك,
وتصوغين بفطرة وجدان حربك وسلامك,
إذ أنت الفرسة تنطلقين
مطوحة سرجك ولجامك,
وتدقين بصدر الكون المتحرر أعلامك
أنت تعيشين
لأنك مستقبل أمة
***********************************
شكوى القبطي الفصيح
هذي أرضي وبلادي,
هذي سندي وسنادي, وهنا قال الرب لنا: كونوا خلقي
وعبادي فيها روينا الأرض بدمعتنا الدامعة,
زرعنا الوادي بالقمح وبالأرز وبالتوت,
وفيها أحرقنا الرومان فناجينا الأعلى كي يرسل مائدة,
وينجي عابدة,
وتسلمناها من أخناتون وأحمس فأقمنا بجوار المعبد
أديرة يذكر فيها اسم الله ويختبئ العباد من البطش,
ولما جاء العراب فتحنا الدور, وأطعمناهم من
صومعة,
فلماذا صرنا غرباء,
ومنا قاومنا المحتلين شهيدا بشهيد,
سال الدم, صليبا وهلالا,
فوق الرمل, لتغدو أرض كنانتنا طاهرة من
دنس
هذي أرضي وبلادي
أسلافي دقوا فيها الأجراس وأجدادي
ولسوف يواصل نسلي دق الجرس وأحفادي
جبران شقيقي إذ قالخذ الناي وغني لأن غناء
الأحياء حياة الأحياء,
شقيقي رزق الله إذا زاوج في المائيات صلاة
الجمعة في قداس الأحد,
فأهدينا الدنيا بسمات وجوه الغيوم,
أنا أمي لم تك في الأرض بغيا,
ويسوع البيرق إذ رفرف إن قال النص
عليه سلام إن يحيا, وعليه سلام يوم يموت, عليه
سلام حين سيبعث حيا,
جمعن خشبات الصلب الحلاج وعيسى,
صائحة: أن القهر شبيه القهر,
وأن مسامير الظلمة واحدة,
أن الكلمة كانت في البدء معادلة للموت
وللحرية,
هذا قال على الربع: "الله بقفطاني",
فيما ذاك على الربوة قال: "الله بقفطاني",
فتجلى بين الصحراء وبين الناصرة بلاغ يعلن
أن الله محبات وعلى الناس مسرات الخير,
وفي الأرض سلام,
.................
أغنية فرح أنطون
البشر مودات, وتضام, وتنوع أطياف, وسماح
المدن المنتظرة: عدل وسواسية, سعة, وبراح
الحلم: بلاد ليس بها غصص في الحلق,
وليس على بيت الله نواح
المدنية: ميثاق يحمله فوق فضاءات الكون
جناح
في الغمة ينضم أخي لأخي حتى تلتئم جراح
والوطن هو العشاق إذا كشفوا المكنون
وباحوا
.............................
كنت بميدان التحرير أصب الماء لشيخ كي يتوضأ
لصلاة العصر, وكان الشيخ يردد في الجمع تراتيلي,
وأنا أقرب للمعتزلة إذ قالوا إن العقل هو العروة,
أقرب لأبي ذر إذ قال: "إذا جعت بليل
فاخرج في الصبح بسيف", وأنا أقرب للتوحيدي
إذ قال: "غريب الغربة من صار بقلب الوطن
غريبا",
كنا مبتسمين إذ نهتف "ياطاغية ارحل كي
نستنشق ماضاع من العطر المصري الضائع",
فلماذا تحرق دور عباداتي في الليل الأسود؟
مني عدلي فخري إذ غنى "سينا قلع سفينتنا
المبحرة", ومنا غالي شكري المؤمن بحضارة عمر بن
الخطاب ووهج الأندلس,
ومني الريحاني مؤسس علم الضحكات
وكان رصاص القناصة ليس يفرق بين خطيب
الجامع والقس,
رصاص القناصة يتوزع بالعدل:
عيون الصبية وهي تصفى: فيها العين الراسمة
صليبا ساعة ذهبت للرب, وفيها العين
الراسمة هلالا ساعة ذهبت للرحمن,
الشهداء سواسية كالمشط,
لماذا انهد بليل ركن الشمع وباب المذبح؟
هذي أرضي وبلادي
هذي مددي ومدادي
فيها أعمدتي, تعميدي, وعمادي
كنا مبتسمين ونحن نخط "ارفع رأسك عالية"
فلماذا صار شقيقي جهما يتربص بي؟ ولماذا
أخشى أن تغدو الرأس مطأطأة؟
وأنا المحروم من التاريخ, ومن برج لصلاتي, من
أن أحرس دون غزاة الوطن حدودي,
من أن أتولى سوس بلادي,
نحن تشاركنا في الدم, لماذا لا نتشارك بكرامات
الإنسان؟
أنا خلف الكاتب إذ جلس بقرفصة,
وأنا خلف السيدة الجامعة من الوادي أوزوريس
المتمزق شلوا شلوا,
وأنا خلف الصوفي إذ قال:
"قد صار قلبي قابلا كل صورة
فمرعى لغزلان, ودير لرهبان
وبيت لأوثان وكعبة طائف
وألواح توراة, ومصحف قرآن
أدين بدين الحب أنى توجهت
ركائبه, فالحب ديني وإيماني"
.................
كنا نهتف في العاصفة "يد واحدة"
نتلقى الطلقات ونهتف في النزف "يد واحدة",
وتدوس سنابك خيل الهجانة فوق الأضلع
نهتف من تحت الدوس "يد واحدة"
فلماذا صارت يدنا الواحدة أيادي متفرقة؟
ولماذا في الناصية تلاحقني اللحية والشرع ودرس
اللغة العربية والحجر الصحي وحصص النحو وكتب
صفراء؟
أغنية لويس عوض:
عاش بطرح النهر الأقباط
يربطهم بشرايين النيل الجارية رباط
تذكر ترتيلهم مدن البحر وتذكرها الفسطاط
العفو هد الديدن والغفران صراط
لن نهجر هذي الأرض, ولن نستدعي أغرابا كي يحمونا
من أهل قاسمنهم لقمتنا ومواجع أيام قاحلة, من سكب
الزيت على نار وأحل البغضاء محل هناءات القربى؟ فيما
الرب الأعلى قال: ليؤمن من شاء, ليكفر من شاء, أنا
خلف الفلاح المتفصح إذ رنت شكواه بوادي النطرون
"أنا لم أسرق جاري, لم أرم القاذورات بأنهاري, لم
أطرد ضيفا من داري, الليل صلاتي والعمل نهاري" لا
يرمي الجمرة في الهيكل حتى يتوسخ إكليل العرس
وتتفحم أيقونات العذراء سوى مغلوط النطفة, منى
مجدي يعقوب الباني مدرسة القلب المفتوح فلا ينظر
إن كان الشريان المغلق ينبض بالإنجيل أم القرآن,
فهل يدفع يعقوب الجزية لوجوه شائنة, ولماذا يلقى
الخبث على وجه بناتي إن سرن بلفتات مبتسمات
وقلوب مبتهجات, فيما قال الرب لبتول هزي
جذع النخلة حتى يتساقط بين يديك الرطب جنيا؟
هزي زادي, زندي, وزنادي
وهنا وحدي, ووجودي, حريات القلب, وأصفادي
وهنا فتنات الأرق, وأرق الفتنة, وسهادي
في الميدان المتلاطم كان علي يربط جرح وسيلي, بينا
جورج يشيل حسين على كتفيه مصابا بشظيات الرقبة,
فاختلط النزف على النزف, وشرب الدم الدم, وكان
رصاص حي لا يميز بين السلفي وبين كتابي, والسحل
المجرم لا يفرز السنة والأرثوذوكس, فكيف يتناسى أهلي
قولة رب الدنيا إن تخالفنا رحمة رحمن ورحيم؟
أغنية إدوارد الخراط:
مريم رايات يتسلمها جيل يخلفه الجيل
نقش المعبد توثيق للحب, ورسم للمرحمة, وتسجيل
وكرامات المرء هنا سيجها إعلاء للإنسان وتبجيل
لو هانت عزة أنفسنا
قصفتنا أحجار وأبابيل وسجيل
رامة جرحي, والخطب خطابي واللغة الإنجيل
...............................
كانت تشعل شمعات بكنائس متعلقة فوق أصابع
قديسين احترقت في الجو وبعض أصابعها تمشي
فوق بيانو, تهمس "يارب احفظ مصر" لماذا يصبغ بيتي
بعلامات مختلفات حتى يتبدى أني خارج إيلاف الصف؟
وقد صدقنا الرحمن إذ قال لعذراء كلي يا عذراء وقري
عينا, وذهبنا من أخميم إلى كاترين حفاة: قال يسوع:
"أحبوا", أحببنا, فلماذا يتجنبني أهلي في الطرقات؟
أنا أختي ترفعها الموسيقى فوق الأسطح فتشف إلى أن
تغدو معنى, في ميدان الصرخة كانوا بسامين فصاروا
جهامين, وكانوا بشارين فصاروا نفارين, وكانوا رغابين
فصاروا رهابين
هذا وعد فقيه الظلمة:
سنقطع أيديكم من خلف, وأرجلكم من خلف,
ونكون عليكم إعصارا
نحن كرابيج الرب على الأرض,
ملائكة الله يصيرون لنا أعوانا مطواعين وأنصارا
سنحاصركم في جحر المعزولين, والمغضوب عليهم,
ونطيل حصارا
وسنرجمكم بالحجر إلى أن ينبثق الدم الفاسق
من شريانكم الفاسق, أنهارا
سنجز جدائل حلوات البر
ونسكب ماء النار على أوجهكم:
شبانا وشيوخا, أطفالا وعذارى
منبوذون كمثل بعير أجرب:
مدنيين, شيوعيين, بهائيين, ملاحدة,
ونصارى:
يارب احفظ مصر,
فإنا روينا الأرض بدمعتنا الحارة, وزرعنا الوادي بالأرز
وبالبصل وبالتوت, ولما أحرقنا الرومان دعونا الرب ليرسل
مائدة, وينجي عابدة, ويدل إلى اللقيا شاردة, نحن تسلمنا
الراية من أخناتون وأحمس فأقمنا بجوار الكرنك أديرة
يذكر فيها اسم الله ويختبئ العباد من البطش, فإذا جاء
الأغراب فتحنا الدور, وأطعمناهم من صومعة الراهب,
فلماذا صرنا غرباء, وكيف نصير ببيت الأهل ضيوفا, لن
نهجر هذا الطين, ولن نغدو ذميين, ونحن الشركاء من
المنبع
هذي أرضي وبلادي
هذي بدئي ومسيري ومعادي
وهنا خيمة عمري, وجذور الروح, وأوتادي
*******************************************
ربيع العرب
الجمرةُ تتدحرجُ من سهلٍ للجبلِ،
ومن جبلٍ للسهلِ،
فيتّولد من أعراسٍ سربُ جنازاتٍ،
تتوّلد من سرب جنازاتٍ أعراسٌ متتاليةٌ
تتخضّب بمدرعةٍ،
تلك مصائرُ ممسكةٌ بمصائرَ،
فيما المكتومُ بين المكتومينَ تحدثَ بلسانٍ طلقٍ
هذي الثوراتُ خفيفاتُ الظلِّ:
تؤاخي بين الموسيقي والدمِّ،
تؤاخي بين اللوتس والقارعة،
تؤاخي بين العابر والأبدي.
كان الديكتاتور يغني غنوته الشاملة:
سئمتُ السلطان،
ولكن ضميري يأبي أن أترككم للتيه وللفوضي،
مكتوبٌ أن أحملَ فوق الكاهل أقداري:
أمنحكم مجدي وفخاري
أكسو عري شتائكم القارص بدثاري
وأنير لياليكم من قبسي ونهاري
قدري أن أغلق سمعي من أجلكمو عن صوت
الغوغاء إذا صاحوا تحت شبابيكي:
ارحل يا طاغوت.
هذي الثورات العربيةُ صابرةٌ،
ومصابرةٌ.
فلعل الصبحَ يجئ ببعض الحريةِ أو بعض القوتْ
تتمهّل حتي ينضج قلبُ العشاقِ،
وحتي يسقطَ عن عوراتِ ملوكِ العتمةِ ورقُ التوتْ،
دوّارُ اللؤلؤةِ قريبٌ،
تتوالفُ أطيافٌ في رسم القزح المتنوّع:
قاسمُ حدّادُ وشيعةُ أهل البيت
يطوفون علي نبعة ريسةِ الديوان،
علي الشرقاوي وسنّةُ عمر بن الخطاب
إذا حكمَ فعدلَ فنام بجنب شجيرة سنطٍ،
علوي يسائل تاريخا: من أين يجيء الحزنُ؟،
وصيادو السمكِ عراةٌ تحت الزّخاتِ، وصيادو الياقوتْ
ورشةُ أملٍ، وجعافرة ، سجناءُ الرأي، بقايا
هبّاب قرامطةٍ، علبُ صفيحٍ في هيئات بيوتْ.
سأل الحضري البدوي: لماذا تنتفضُ الصحراءُ؟
أجاب البدوي: لأن النخلةَ عطشي.
سأل البدوي الحضري: لماذا تمشي مدنٌ للشمس؟
أجاب الحضري: لأن الشمسَ مؤنثّةٌ.
سأل الحضري البدوي: فكيف تشبّه قفزاتِ الخيل؟
أجاب البدوي: أشبهها بصراخ المكلومةٍ إن فقدتْ في الحفل ضناها،
سأل البدوي الحضري: فأين تخبئ خيمةَ قيسَ؟
أجاب الحضري: بعينٍ طارت من طلقات رصاصٍ مطاطي،
وبضلع صبي هشّمه البغلُ.
فيا صبحُ اخرج من مكمنكَ السري
المستضعف أمسكَ بيديه شئون مواجعه،
بدأ العزفَ فأدرك مضمونَ أصابعه،
جفَّفَ نهرَ مدامعه،
المستضعفُ يصنع جوهَره الفردَ المتفردَ بكنيسته وبجامعه،
خلَّقَ ذاتا للمسلوبين من الذاتِ
الجمرةُ تتدحرجُ من طبرقَ لدمشقَ،
ومن أسيوط إلي الدّوحة،
من سوسةَ للزرقاءِ،
ومن وهرانَ إلي بيروت،
ككرةِ من لهبٍ تمشي في الأفئدةِ المكظومةِ
لتلاقي أفئدةً مكظوماتْ،
شيبٌ مقهورونَ وفتياتٌ مقهوراتْ،
وهنا صنعاءُ تقوم من الغفوة،
وتجيء علي السّعف القحطاني،
علي سدٍّ من مأربَ،
وعلي مطرقةِ شيوعيينَ بعدن،
وعلي الخط المسماري، وأهداب بناتْ
وضاّحُ الحلو وقد حملَ الروحَ علي كفين وهجرَ القاتْ
زرّاع البن،
وشعراء كفيفون أذاعوا أن اليمنيين بمنفي،
أن المنفي في اليمنيين،
فيحمل واحدهم بعضَ شهيدٍ أو بعضَ رفاتْ.
ميدانُ التحرير تناسلَ:
فأناشيدُ مشابهةٌ لأناشيدَ،
وشهداءُ قرينونَ لشهداءَ،
حياةٌ من رحم الحيواتْ
الحرية واحدةٌ، والقضبانُ السجّانةُ واحدةٌ،
بينهما مشوارٌ من جثثٍ، وسماءٌ من عَصْف مأكولٍ،
نيام نهضوا من طول سباتْ
وبلادٌ تصحو من ذلٍّ، وغياهب، ومماتْ.
هذا نصحُ الطبّ:
انتبهوا يا فتيانا مبروكينَ:
من الخلف يبصُّ لصوصُ الثورات:
النفعيون ومنتفخو الأوداجِ، ومحترفو
الكلمات المدهونةِ، وكلاء الشركات
المتعددة الجنسية، سّفاحو أمن الدولة.
وهنا
الثورات العربية رقصٌ تعبيري:
فيه من الباليه كمثل بحيراتِ البجع،
إذا رفعتْ فتياتٌ بسّاماتٌ علمَ الوطنِ
علي أعينهن البسّامات،
وفيه من الرقص الشرقي إذا دوّي الدفّ بليل
الميدان ليعلن: ذابت أصماغُ الكرسي،
وفيه كرقصة سالومي
إن قُطفتْ رأسٌ حين يحين قطافُ الرأس،
وفيه من التحطيب
إذا رفّت هرّاواتٌ فوق الأدمغة الشابةِ
مشفوعاتٌ بنزيف المخ،
وفيه من الرقص الإيقاعي علي الماءِ:
الخفّة، والتجسيدُ،
رشاقاتُ الجسد البشري،
حساسيةُ المأساة،
إذا ارتصّت أبدانٌ في وجه
المطر الناري تشكّل في وهج الطلقات
جدارياتٍ من لحمٍ بشري مثقوب.
زغرودةُ هذي البنت علي كوبري قصر النيل
وداعٌ لثلاثين خريفًا،
والكوبري مقسومٌ نصفين: فنصفًا للوحش،
ونصفًا ليدين تعلقتا بالراياتْ.
خذْ بعض تحيات السيد:
يقصف درعا بالزنبق، ويداوي مجروحًا برحيقْ
طلعته أفعي ناعمةٌ، ويداه عقيقْ
يحرق مدنا بكراتِ النار،
ويلقي بالوردة في كل حريقْ،
هو حقٌّ، حقاني، وحقيقْ.
قال فتي لفتاة: ما الشِّعرُ؟
فقالت: ناسٌ تخرج للطرقاتِ، مجنحّةًً كفراشات نبي
فتاةٌ قالت لفتي: ما الحبُّ؟
فقال: صدورٌ تتلقي فوق الجسر رصاصًا حيًّا في القلب الحي.
وقال فتي لفتاةٍ: ما الجسدُ؟
فقالت: روحٌ تنزف أرواحا أدماها القنّاصونَ،
فتاةٌ قالت لفتي: ما القُبلةُ؟
قال: العَلَمُ إذا غطي الجثمان.
الثوراتُ العربيةُ ما عادت تتسكّع في باريس
منعمّةًً برذاذِ الدفء،
وما عادت تائهةًً في الظلمات تفتش عن
إلهامٍ ونبي وطريقْ
الإلهام هو النَّفْسُ المكسورةُ،
ونبيوها: الفتيانُ المبروكونَ،
وسكّتها: الصحوُ، المرحُ، ثباتُ الخطواتْ.
يا فتيانا مبروكين انتبهوا
في الليل يطلّ لصوصُ الثورات:
المتلوّنُ، والنهّازُ، مدبّر موقعةِ الجملِ،
وأكّال السُّحت، السّاترُ في اللحية سكّينَ الشرع،
ورُكّاب الموجةِ، وفتواتُ الحارات.
ساعتها، كان الديكتاتور يغني غنوته الكاملة:
سأنادي كاليجولا صنوي وزميلي
هوسُ العظمة يجمعنا، فهو النبراس لخطوي ودليلي
ننشيء حفلَ العبث المرّ، ونصطاد القمرَ بمصيدةٍ.
يعطيني مرسالَ شذوذ كوني
وأنا أعطيه مراسيلي
وأنادي نيرون العذبَ المتسامحَ
درّةَ أترابي
نحرق مدنا إن رفعت صوتاً ينكر أن وجودينا
هبةُ الله الوّهابِ
نضحك منتشين إذا أكلتْ ألسنةُ اللهبِ
الشعبَ الجاحدَ، تاركةً أحبابَ عطاياه وأحبابي
يهديني بالكرم خرائبه،
وأنا أهديه خرابي
سأنادي الحاكمَ من أمر الله
شبيهي وقريني
فأحدّد للمحكومين صنوفَ الأكل، صنوفَ الشرب،
وأصدر مرسوما من هجسي وظنوني
شكي في غدر الشعب يقيني
وأنادي الفاشيينَ اللطفاءَ
رفاقَ الدرب، عشيرةَ عمري
لنكمم كلَّ فمٍ لا يلهج بالشكر علي نعمتنا،
ثم نعبُّ النخبَ بجمجمةٍ.
كان السيدُ مقفولَ الأذن،
فلم يسمع تحت نوافذه حنجرةَ ملايين المحرومين:
الثوراتُ العربياتُ جنينٌ في يافا،
ويصير بنجرانَ وليدا
ثم صبيا في ميدان المنشية، صلبًا ، وعنيدا
يغدو شاباً في تعزّ، بهيا، فطرياً، وجديدا
رجلاً في الدار البيضاء، فريدَ الصيحة ، وفريدا
ويصير بعمّانَ شهيدا.
الجمرةُ تتدحرج من باديةً للمدن،
ومن مدنٍ للبادية،
من الرمل إلي الزرع، من الزرع إلي الرمل،
انكسر القمقمُ فتعالت صرخاتٌ:
هيا نعتق أنفسنا من قيد التاريخ ومن قيد الجغرافيا،
هذي رقصة بنغازي تغمر أطراق المعمورة:
في الحلم سيصعد عمرُ المختارُ علي مصراتة،
معتمرا بالكوفية والصبر وحكمةِ كهل يهمس:
إن مكروا فالله خير المكارين،
ويصعد إبراهيمُ الكوني علي الزاوية، يداعب بأنامله سريانَ اللوكيميا،
ويشرِّح بالسردِ طوارقَ بدوٍ،
ويعالج كبدَ الصحراء،
ويصعد ابنُ فقيهٍ صالحُ من سرت، تعذبّه الضمّةُ والكسْرةُ،
ويعذّبه الأخدودُ الفاصلُ بين الملكِ وبين الملكوتِ،
وشلقمُ يغتسل من الدَّنس بماء الينبوع،
ويختتم جهانُ اللوحةَ برتوشٍ ساخرةٍ:
الدكتاتور أنيقٌ وحليقٌ ورشيقْ
الدكتاتور رقيقْ
يتجوّل بين رعاياه يرشُّ النعمةَ:
دارا دارا،
زنقاتٍ زنقاتٍ،
وطريقاً بطريقْ
فالدكتاتور أخٌ، وقريبٌ ، وصديقْ.
سأل صبي شيخا: ما الثوراتُ العربيةُ؟
فأجاب الشيخ: تمائمُ علّقها الله علي عنقِ المحرومين
وسأل الشيخُ صبيا: ما المتهمّشُ؟
فأجاب صبي: قدرٌ يتفتّقُ عن بَشرٍ.
سأل صبي شيخا: فلماذا تقفز جمراتٌ من طنجةَ حتي
حمصَ؟
أجاب الشيخ: لأن الرقصةَ سيدةٌ سائدةٌ،
ولأن الأحلامَ الذاهبةَ مع الحلكةِ عائدةٌ،
ولأن دماءَ الشهدا، شاهدةٌ.
سأل الشيخُ صبيا: أين سندفن فتيانَ الجمعة؟
فأجاب صبي: في زهرة عبّاد الشمسِ.
الجمرة تتقافز من حماٍ مسنونْ
والثوراتُ العربيةُ رقصاتٌ هائمةٌ بغرام مبتكرٍ،
طيرانٌ من شجرٍ للشجر، ومن كافٍ للنونْ
ونزوعٌ لسدادِ النقصِ،
وشهوةُ خلقٍ،
وجنونْ.
خذْ بعضَ تحياتِ المنسيينَ:
ربيعُ العرب مفاجأةٌ،
وربيعُ العربِ حنونْ.
ومن جبلٍ للسهلِ،
فيتّولد من أعراسٍ سربُ جنازاتٍ،
تتوّلد من سرب جنازاتٍ أعراسٌ متتاليةٌ
تتخضّب بمدرعةٍ،
تلك مصائرُ ممسكةٌ بمصائرَ،
فيما المكتومُ بين المكتومينَ تحدثَ بلسانٍ طلقٍ
هذي الثوراتُ خفيفاتُ الظلِّ:
تؤاخي بين الموسيقي والدمِّ،
تؤاخي بين اللوتس والقارعة،
تؤاخي بين العابر والأبدي.
كان الديكتاتور يغني غنوته الشاملة:
سئمتُ السلطان،
ولكن ضميري يأبي أن أترككم للتيه وللفوضي،
مكتوبٌ أن أحملَ فوق الكاهل أقداري:
أمنحكم مجدي وفخاري
أكسو عري شتائكم القارص بدثاري
وأنير لياليكم من قبسي ونهاري
قدري أن أغلق سمعي من أجلكمو عن صوت
الغوغاء إذا صاحوا تحت شبابيكي:
ارحل يا طاغوت.
هذي الثورات العربيةُ صابرةٌ،
ومصابرةٌ.
فلعل الصبحَ يجئ ببعض الحريةِ أو بعض القوتْ
تتمهّل حتي ينضج قلبُ العشاقِ،
وحتي يسقطَ عن عوراتِ ملوكِ العتمةِ ورقُ التوتْ،
دوّارُ اللؤلؤةِ قريبٌ،
تتوالفُ أطيافٌ في رسم القزح المتنوّع:
قاسمُ حدّادُ وشيعةُ أهل البيت
يطوفون علي نبعة ريسةِ الديوان،
علي الشرقاوي وسنّةُ عمر بن الخطاب
إذا حكمَ فعدلَ فنام بجنب شجيرة سنطٍ،
علوي يسائل تاريخا: من أين يجيء الحزنُ؟،
وصيادو السمكِ عراةٌ تحت الزّخاتِ، وصيادو الياقوتْ
ورشةُ أملٍ، وجعافرة ، سجناءُ الرأي، بقايا
هبّاب قرامطةٍ، علبُ صفيحٍ في هيئات بيوتْ.
سأل الحضري البدوي: لماذا تنتفضُ الصحراءُ؟
أجاب البدوي: لأن النخلةَ عطشي.
سأل البدوي الحضري: لماذا تمشي مدنٌ للشمس؟
أجاب الحضري: لأن الشمسَ مؤنثّةٌ.
سأل الحضري البدوي: فكيف تشبّه قفزاتِ الخيل؟
أجاب البدوي: أشبهها بصراخ المكلومةٍ إن فقدتْ في الحفل ضناها،
سأل البدوي الحضري: فأين تخبئ خيمةَ قيسَ؟
أجاب الحضري: بعينٍ طارت من طلقات رصاصٍ مطاطي،
وبضلع صبي هشّمه البغلُ.
فيا صبحُ اخرج من مكمنكَ السري
المستضعف أمسكَ بيديه شئون مواجعه،
بدأ العزفَ فأدرك مضمونَ أصابعه،
جفَّفَ نهرَ مدامعه،
المستضعفُ يصنع جوهَره الفردَ المتفردَ بكنيسته وبجامعه،
خلَّقَ ذاتا للمسلوبين من الذاتِ
الجمرةُ تتدحرجُ من طبرقَ لدمشقَ،
ومن أسيوط إلي الدّوحة،
من سوسةَ للزرقاءِ،
ومن وهرانَ إلي بيروت،
ككرةِ من لهبٍ تمشي في الأفئدةِ المكظومةِ
لتلاقي أفئدةً مكظوماتْ،
شيبٌ مقهورونَ وفتياتٌ مقهوراتْ،
وهنا صنعاءُ تقوم من الغفوة،
وتجيء علي السّعف القحطاني،
علي سدٍّ من مأربَ،
وعلي مطرقةِ شيوعيينَ بعدن،
وعلي الخط المسماري، وأهداب بناتْ
وضاّحُ الحلو وقد حملَ الروحَ علي كفين وهجرَ القاتْ
زرّاع البن،
وشعراء كفيفون أذاعوا أن اليمنيين بمنفي،
أن المنفي في اليمنيين،
فيحمل واحدهم بعضَ شهيدٍ أو بعضَ رفاتْ.
ميدانُ التحرير تناسلَ:
فأناشيدُ مشابهةٌ لأناشيدَ،
وشهداءُ قرينونَ لشهداءَ،
حياةٌ من رحم الحيواتْ
الحرية واحدةٌ، والقضبانُ السجّانةُ واحدةٌ،
بينهما مشوارٌ من جثثٍ، وسماءٌ من عَصْف مأكولٍ،
نيام نهضوا من طول سباتْ
وبلادٌ تصحو من ذلٍّ، وغياهب، ومماتْ.
هذا نصحُ الطبّ:
انتبهوا يا فتيانا مبروكينَ:
من الخلف يبصُّ لصوصُ الثورات:
النفعيون ومنتفخو الأوداجِ، ومحترفو
الكلمات المدهونةِ، وكلاء الشركات
المتعددة الجنسية، سّفاحو أمن الدولة.
وهنا
الثورات العربية رقصٌ تعبيري:
فيه من الباليه كمثل بحيراتِ البجع،
إذا رفعتْ فتياتٌ بسّاماتٌ علمَ الوطنِ
علي أعينهن البسّامات،
وفيه من الرقص الشرقي إذا دوّي الدفّ بليل
الميدان ليعلن: ذابت أصماغُ الكرسي،
وفيه كرقصة سالومي
إن قُطفتْ رأسٌ حين يحين قطافُ الرأس،
وفيه من التحطيب
إذا رفّت هرّاواتٌ فوق الأدمغة الشابةِ
مشفوعاتٌ بنزيف المخ،
وفيه من الرقص الإيقاعي علي الماءِ:
الخفّة، والتجسيدُ،
رشاقاتُ الجسد البشري،
حساسيةُ المأساة،
إذا ارتصّت أبدانٌ في وجه
المطر الناري تشكّل في وهج الطلقات
جدارياتٍ من لحمٍ بشري مثقوب.
زغرودةُ هذي البنت علي كوبري قصر النيل
وداعٌ لثلاثين خريفًا،
والكوبري مقسومٌ نصفين: فنصفًا للوحش،
ونصفًا ليدين تعلقتا بالراياتْ.
خذْ بعض تحيات السيد:
يقصف درعا بالزنبق، ويداوي مجروحًا برحيقْ
طلعته أفعي ناعمةٌ، ويداه عقيقْ
يحرق مدنا بكراتِ النار،
ويلقي بالوردة في كل حريقْ،
هو حقٌّ، حقاني، وحقيقْ.
قال فتي لفتاة: ما الشِّعرُ؟
فقالت: ناسٌ تخرج للطرقاتِ، مجنحّةًً كفراشات نبي
فتاةٌ قالت لفتي: ما الحبُّ؟
فقال: صدورٌ تتلقي فوق الجسر رصاصًا حيًّا في القلب الحي.
وقال فتي لفتاةٍ: ما الجسدُ؟
فقالت: روحٌ تنزف أرواحا أدماها القنّاصونَ،
فتاةٌ قالت لفتي: ما القُبلةُ؟
قال: العَلَمُ إذا غطي الجثمان.
الثوراتُ العربيةُ ما عادت تتسكّع في باريس
منعمّةًً برذاذِ الدفء،
وما عادت تائهةًً في الظلمات تفتش عن
إلهامٍ ونبي وطريقْ
الإلهام هو النَّفْسُ المكسورةُ،
ونبيوها: الفتيانُ المبروكونَ،
وسكّتها: الصحوُ، المرحُ، ثباتُ الخطواتْ.
يا فتيانا مبروكين انتبهوا
في الليل يطلّ لصوصُ الثورات:
المتلوّنُ، والنهّازُ، مدبّر موقعةِ الجملِ،
وأكّال السُّحت، السّاترُ في اللحية سكّينَ الشرع،
ورُكّاب الموجةِ، وفتواتُ الحارات.
ساعتها، كان الديكتاتور يغني غنوته الكاملة:
سأنادي كاليجولا صنوي وزميلي
هوسُ العظمة يجمعنا، فهو النبراس لخطوي ودليلي
ننشيء حفلَ العبث المرّ، ونصطاد القمرَ بمصيدةٍ.
يعطيني مرسالَ شذوذ كوني
وأنا أعطيه مراسيلي
وأنادي نيرون العذبَ المتسامحَ
درّةَ أترابي
نحرق مدنا إن رفعت صوتاً ينكر أن وجودينا
هبةُ الله الوّهابِ
نضحك منتشين إذا أكلتْ ألسنةُ اللهبِ
الشعبَ الجاحدَ، تاركةً أحبابَ عطاياه وأحبابي
يهديني بالكرم خرائبه،
وأنا أهديه خرابي
سأنادي الحاكمَ من أمر الله
شبيهي وقريني
فأحدّد للمحكومين صنوفَ الأكل، صنوفَ الشرب،
وأصدر مرسوما من هجسي وظنوني
شكي في غدر الشعب يقيني
وأنادي الفاشيينَ اللطفاءَ
رفاقَ الدرب، عشيرةَ عمري
لنكمم كلَّ فمٍ لا يلهج بالشكر علي نعمتنا،
ثم نعبُّ النخبَ بجمجمةٍ.
كان السيدُ مقفولَ الأذن،
فلم يسمع تحت نوافذه حنجرةَ ملايين المحرومين:
الثوراتُ العربياتُ جنينٌ في يافا،
ويصير بنجرانَ وليدا
ثم صبيا في ميدان المنشية، صلبًا ، وعنيدا
يغدو شاباً في تعزّ، بهيا، فطرياً، وجديدا
رجلاً في الدار البيضاء، فريدَ الصيحة ، وفريدا
ويصير بعمّانَ شهيدا.
الجمرةُ تتدحرج من باديةً للمدن،
ومن مدنٍ للبادية،
من الرمل إلي الزرع، من الزرع إلي الرمل،
انكسر القمقمُ فتعالت صرخاتٌ:
هيا نعتق أنفسنا من قيد التاريخ ومن قيد الجغرافيا،
هذي رقصة بنغازي تغمر أطراق المعمورة:
في الحلم سيصعد عمرُ المختارُ علي مصراتة،
معتمرا بالكوفية والصبر وحكمةِ كهل يهمس:
إن مكروا فالله خير المكارين،
ويصعد إبراهيمُ الكوني علي الزاوية، يداعب بأنامله سريانَ اللوكيميا،
ويشرِّح بالسردِ طوارقَ بدوٍ،
ويعالج كبدَ الصحراء،
ويصعد ابنُ فقيهٍ صالحُ من سرت، تعذبّه الضمّةُ والكسْرةُ،
ويعذّبه الأخدودُ الفاصلُ بين الملكِ وبين الملكوتِ،
وشلقمُ يغتسل من الدَّنس بماء الينبوع،
ويختتم جهانُ اللوحةَ برتوشٍ ساخرةٍ:
الدكتاتور أنيقٌ وحليقٌ ورشيقْ
الدكتاتور رقيقْ
يتجوّل بين رعاياه يرشُّ النعمةَ:
دارا دارا،
زنقاتٍ زنقاتٍ،
وطريقاً بطريقْ
فالدكتاتور أخٌ، وقريبٌ ، وصديقْ.
سأل صبي شيخا: ما الثوراتُ العربيةُ؟
فأجاب الشيخ: تمائمُ علّقها الله علي عنقِ المحرومين
وسأل الشيخُ صبيا: ما المتهمّشُ؟
فأجاب صبي: قدرٌ يتفتّقُ عن بَشرٍ.
سأل صبي شيخا: فلماذا تقفز جمراتٌ من طنجةَ حتي
حمصَ؟
أجاب الشيخ: لأن الرقصةَ سيدةٌ سائدةٌ،
ولأن الأحلامَ الذاهبةَ مع الحلكةِ عائدةٌ،
ولأن دماءَ الشهدا، شاهدةٌ.
سأل الشيخُ صبيا: أين سندفن فتيانَ الجمعة؟
فأجاب صبي: في زهرة عبّاد الشمسِ.
الجمرة تتقافز من حماٍ مسنونْ
والثوراتُ العربيةُ رقصاتٌ هائمةٌ بغرام مبتكرٍ،
طيرانٌ من شجرٍ للشجر، ومن كافٍ للنونْ
ونزوعٌ لسدادِ النقصِ،
وشهوةُ خلقٍ،
وجنونْ.
خذْ بعضَ تحياتِ المنسيينَ:
ربيعُ العرب مفاجأةٌ،
وربيعُ العربِ حنونْ.
*******************************************
كتبت قصائد هذه المجموعة في فبراير, مارس, أبريل, مايو 2011, عدا قصيدة "هدهدة إلى رقي" التي كتبت في صيف 2008.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق