الثلاثاء، 18 أكتوبر 2011

ديوان الغربة والانتظار

 ديوان الغربة والانتظار


شعر
رفعت سلام
حلمي سالم


الغربة والانتظـار [بالاشتراك مع حلمي سالم]
 طبعة محدودة، القاهرة 1972













رفعت محمد سلام
·                 من مواليد 1951
·                 منية شبين القناطر – قليوبية
·                 طالب بكلية الآداب – قسم صحافة












عيناك ياحبيبتي .. ملاذي الأخير
أود أن أغفو به .. ولا أفيق
وسادتي الأهداب ..
والجفن فرشي الوثير ..
فإن سئمت ياحبيبتي ..
رميت رحلتي .. إلى الصخور

















متى .. ؟
إنا حلمنا .. يارفاق
بحدائق الشمس الصبية
بمدائن لا تعرف الليل الجديب
في كل هدب يزرع الأشواك والحزن المرير
يغتال في القلب الغرير
أشواقنا .. أحلامنا .. وبراءة الأطفال
                           والحس الطهور
ويبعثر الآمال منا للرياح .. وبالصدور
ينساب نهر للثلوج..
                 * * *
إنا حلمنا .. يارفاق
بالضوء يورق في العيون حقول طيب
إنا حلمنا أن نرى – لو لحظة – ضوء القمر
لو خيط ضوء .. لو شعاع ..
نحيا على إشراقة العمر الذي ولى.. وضاع
لكن شموس مدينة الأصداء والأشباح
                     والصمت الخرافي الكئيب
غربية ..
أبدية الترحال للمنفى الغريب
فمتى سنزرع شمسنا في دربنا, ونعيد أغنية النهار
لحنا طفولي الرنين
ينساب في كل الدروب؟
ومتى نعيد الطفل فينا ..
يلهو .. يعربد .. كيف ماشاء الهوى من
                        غير أشواك تكبل خطوه
                        الظمآن للضوء الخصيب ؟
ومتى سنضحك دون أن يرسو بضحكتنا
طيف لجرح مات واحترقت لحونه .. ؟
إنا عذاب واشتياق .. يارفاق
إنا احتراق ..
فمتى العثور على الضياء
متى العثور ..
ومتى النقاء ؟












قالت ..
وقالت .. فؤادي أسير لديك
فكيف يهون الوداد عليك
وذكرى هواي تردد أني
قضيت الليالي على ساعديك
فكانت حياتي .. ربيعا .. خلودا
بدرب مشوق على راحتيك
فكيف ستنسى فؤادي الأسير
وكيف يهون الوداد لديك
         * * *
خيوط الضياء بدرب حياتي
سقاها انسكاب السنا من يديك
وكانت رؤاي الغريرة وهما
فعادت وجودا يتوق إليك
ويهفو اشتياقا, ويصبو احتراقا
لينساب ذوبا إلى مقلتيك
فكيف ستنسى هواي الأثير
وكيف يهون الوداد عليك





عن شعر الجميلة .. الذي كبر ..
                                                                        إلى الجميلة ( ... )   التي مضت ..  
                                                                          وبصدرها أمنية ...
                                                                         لو يطول شعرها القصير
وكبرت ياشعر الجميلة .. قد كبرت ..
ولثمت بالود العميق خدودها ..
وتطايرت منك الفراشات الحبيسة ترتوي
                             منها عبير ورودها
وتحوم .. ثم تحط .. ثم تغيب في الأفق البعيد
لتذيع في الأكوان .. "إني قد كبرت .."
              * * *
ويطير قلبك ياجميلة
خلف الفراشات التي غابت مع الأفق البعيد
هي لن يغيها المغيب
لكنها.
سنعود في صبح جديد ..
بفتاك قد نسج احتفال العرس من حلم الطفولة
                * * *
ولأنت آبوللو العظيم
ركعت بهيكلك الجميلة
وبوسط ساحتك المقدسة النبيلة .. قدمت قربانها
قلب حرير ضمه إكليل ورد
وصلاة صوفي عريق
ودموع قديس تفانى في التراتيل النبيلة
         * * *
وكبرت ياشعر الجميلة .. قد كبرت ..
وضممت من رعت الطفولة فيك والعهد الغرير
طوقتها ..
قبلتها ..
قبلت من غزلت بذوب القلب أغنية ..
                              لتغفو في صداها ..
عانقت فيها نضرة الحلم القديم إذا استحال إلى وجود
عانقت فيها روعة الصبح الجديد
وصدى بعيد لا يزال ..
يهفو إلى عين الخيال
ليقول .. "إني قد كبرت"











انتظار
وكان انتظار ..
وضوء السراج يذوب .. يموت ..
ويرسم شيئا كظل احتضار ..
ينادي علي ..
يمد ذراعا عميق السواد إلى ناظري ..
ويبسط كفا نحيل الأصابع .. جهم العروق
          لينشر ظلا – كموت بطئ – على مقلتي
ويسرق مني بريق الحياه
يلف الضياء بستر كثيف .. فيغفو الظلام
على راحتي
ويخبو السراج .. يموت ..
تكفنه ذاهبات الظلال ..
وأشباح ليل, وعرس كئيب يعربد في
                       وينشد لحن الظلام الأخير ..
ونجم من الأفق يهوى صريعا
فيشعل مني اضطراب الخيال ..
وأصرخ .. "إني أريد النهار .."
وضوء السراج .. يموت, ويرسم شيئا
                                        كظل احتضار ..



نورا
وأبيت أنسج من خيوط الفجر شالا للجبين
والعقد أنظمه لجيدك من زهور الياسمين
والنجم أسأل عن رؤاك .. وأي حلم تحلمين
وقصائد الغزل الرقيقة في شفاه العاشقين
رويتها أشواق قلبي, واختلاجات الشجون
كيما تغني في شفاهك غنوة الحب الحنون
يازهرة عشق الفؤاد عبيرها .. عشق الفتون
إني أسير في هواك .. متيم .. جم الحنين
إني أسير في هواك .. متيم .. جم الحنين













في انتظار طائر .. لا يأتي
ياطير الحب الأوحد
إني منتظر خارج كل الأزمان
خارج كل الألقاب
حتى – حين تعود إلي –
تبدأ في الزمن الأول
تغرس في اللقب الأول
أبدأ عمرا أول يسكن قلب الأشياء
            * * *
ياطيري الأوحد..
ياطيرا فقد طريق الشمس, وغاب مع الظلماء
ياطيرا يشرب ليلا أسود .. حتى الموت
لا يأتي ..
أو ينبئ لو خيط شعاع عن خطوات
          أولى تسلمني للشمس وللأضواء
إني مثلك .. أغرق .. أشرب موج الليل
                    الأسود حتى الموت, فلا يأتيني
                                 خيط ضياء
أسلمت الليل سنين العمر العشرين
بعثرت الزمن الماضي في الأرجاء
حتى – حين تعود إلي شريدا عرف
                         طريق الضوء –
أبدأ عمرا آخر .. طفلا آخر
طهرا .. وصفاء
           * * *
ياطيري الأوحد ..
إن مر العمر بدون لقائك ..
فالعمر هباء ..
إن مر العمر بدون عناقك ..
انطفأ النجم الباقي في الأرجاء ..
عانقت الوحدة و الأصداء
أسلمت الليل عصا التسيار
نادمت الظلمة والأنواء ..
إن مر العمر ولم يشرق صبح بضيائك
إن مر العمر .. ولم تغسلني قطرات من
                           فيض عطائك
بعثرت نشيد الشوق على الطرقات
ذريت أناشيدي البيضاء
وهويت لوادي الموت المعتم
كي أغدو بعض رفات..
      * * *
ولأنك ياطيري الأوحد ..
الأمل الباقي في الديجور..
ولأنك يانجمي الأوحد ..
الدفء الباقي في كهف الصمت المهجور..
أعددت القلب خميلة حب
كي تغفو فيها حين تؤوب ..
كي تلقي فيها أشجان الترحال, وتمسح عن أهدابك ..
أحزان الرحلة .. حين تؤوب ..
وفرشت الهدب وسادة حب
وفرشت القلب بساط حرير
كي تخطو فيه الخطو الأول ..
فتزغرد كل الأنحاء
     * * *
يا طير الحب الأوحد ..
إني منتظر خارج كل الأزمان ..
خارج كل الألقاب ..
حتى – حين تعود إلي –
تبدأ في الزمن الأول
تغرس في اللقب الأول
أبدأ عمرا أول يسكن قلب الأشياء








يوما .. ما
يوما ما
ستعودين
طيرا أنهكه الريح .. وبعثر أعشاشه
يبغي وطنا ..
لا يعرف معنى أن يثوي الثلج على الأهداب
أن يغفو الملح على الأجفان ..
لا يعرف معنى أن تسري الآه بقلب الصمت
               * * *
ستعودين .. يا جرحا لا يلتم ..
ستعودين
طيرا أعماه دوار الترحال بعمق بحار الرعب
يستجدي ضوء المرفأ
يستجدي الضوء الذاوي يرسم أشباحا
                             وتهاويل خرافية ..
حتى إن عثر عليه ..
خنقته رياح البحر الليلية
لم تبق شعاع ..
لو خيط شعاع
ينفذ للطائر حين يجاهد طيف الموت الأسود
                       يصرخ في الآفاق ..
فأمد من العين شعاع
يعبر آماد الظلمة .. يطويها ..
                           يسجد بين يديك ..
يفرش دربك ضوءا أخضر ..
        * * *
يوما ما ..
ستعودين ..
وذراعي أبدا لن يلتم ..
لأن يسقط .. مهما ظلت ريح الليل الأسود
تضرب فيه بغير ذراع يشرب دفأه ..
لن يلتم
حتى – حين يعود الطائر من ترحال بحار الرعب . –
يغسل عنه الثلج الثاوي في الأهداب
يغسل عنه الملح الراقد في الأجفان
يسقيه الدفء .. ويمسح عنه البرد الآتي من
                                            أعماق بلاد الحزن
سيظل ذراعي مبسوطا .. لن يلتم ..
سيظل ذراعي مبسوطا .. لن يلتم ..
ذلك أنك يوما ما .. ستعودين
يوما ما
ستعودين ..




في انتظار رياح الصبح ..
يا ريح الصبح الآتي ..
إني منتظر في الطرقات
النجم الأوحد غاب
والشوك بحلقي, وشفاهي
تقتات الملح, وبالأعصاب. .
نيران حرائق لا تخبو
     * * *
يا ريح الصبح الآتي ..
أسلمت الليل أناشيدي
ورياح الليل تذريها ..
لكهوف الصمت المهجورة
لثلوج الوحدة تضنيها ..
وتحيل الأحرف بعض رفات
      * * *
يا ريح الصبح الآتي ..
أقبل .. فدروبي مسدودة
تملؤها جثث الأموات
أقبل .. ولتعصف بكياني
عريني ..
حتى أرجع طفلا أهوج
يهوى الحلوى والضوضاء
مزق ثوبي ..
أبدلني ثوبا آخر ..
أو ..
فارميني في سرداب الموت المعتم ..
كي أتحطم
كي أتمزق أشلاء
في كهف أسود يصخب بالأشلاء
انثرني مزقا وأباديد على الطرقات
كيما تذروني ريح الليل العمياء
اسحقني ..
بددني ..
كقصاصة ورق بكف الريح الحمقاء
أسلمني للإعصار وللطوفان وللبركان
اقذف بي في حضن الركان ..
حتى – حين ينادي الصبح علينا –
أغدو طهرا .. ونقاء ..
يحملني خيط الصبح لكف الشمس
أحضنها .. تحضنني ..
نتعانق بالأضواء
تمسح أحزاني الليلية
تفتح لي دربا وطريقا
عبر دروب الشوك السوداء ..
      * * *
يا ريح الصبح الآتي ..
إني منتظر في الطرقات
النجم الأوحد غاب
والشوك بحلقي, وشفاهي
تقتات الملح, وبالأعصاب
نيران حرائق لا تخبو
هل تأتين ..
يا ريح الصبح الآتي .. هل تأتين .. ؟
        * * *
إني منتظر في الطرقات














الرحيل
يا ربوع الحب ..  قد آن الرحيل
قد توارى الأمس والماضي الجميل
إنني صب .. وقلبي تائه ..
والهوى في الروح قد أضحى عليل
بات يشكو بعد أحباب له
قد تواروا في ظلال المستحيل
لم يعد يرجو لقاهم .. إنما
كان يرجو نظرة .. قبل الرحيل
            ***
يا ديارا قد رأت كيف اللقاء
إنني حب .. وقلب ..في سماء
قلبي المهتاج يكوي أضلعي ..
كيف أنجو .. وهو نار .. لا انطفاء
أحرقت نيران قلبي أعظمي
كم تعالت بين أرجاء الفضاء
لم يعد في قدرتي إخمادها
كيف منها مهربي .. كيف النجاء ..
       ***
بي حنين دائم للأمسيات
قد طويناها بأحلى الذكريات
ما لدمعي في عيوني مرسل
كم يغني في ضلوعي المرئيات
قد كتبناها بقلب واله
بات ينعي راحلات الأمنيات
راح يشكو في أنين موجع
ضيعة الأمس الشريد الأغنيات
      ***
يا حبيبا .. راح ينسى وعده
إن قلبي في الهوى صب شريد
صبحه ليل .. ونأي وصله ..
والأماني ضائعات كالطريد
قد توارى الصبح من أيامه
والليالي السود عادت من جديد
راح يشكو عصف ليل تائه
أخمد الأضواء والنور الوحيد
      * * *
كعبة العشاق . . والحب النضير
قلبي المشتاق أضناه المسير
كم شكونا ضيعة الدرب الطهور
كم عرفنا قسوة اليأس المرير
كم ظمئنا.. كم رجونا قطرة..
فارتوينا .. والقذى ملء الغدير
كم عرفنا الشوك يجتاح الطريق
كم شكونا حرقة الدمع الغزير
        * * *
في ضلوعي بحر أحزان سحيق
في دروبي الصخر يعترض الطريق
بين جنبي شوكة..في وخزها
صوت ماض مشعل قلبي حريق
في عيوني الدمع يغشى ناظري
كم أضاع الدمع من عيني البريق
طالت الأيام.. لا سلوى .. ولا
ظل وهم .. أو  خيال .. أو رفيق
       * * *
يا مساء .. كان لقبانا به ..
عاشت الذكرى بفكري.. والفؤاد
قصة الشوق التي سطرتها..
قد وعاها القلب دوما.. والوداد
نار أشواقي تلظت في دمي
أيقظت ما كان قد أضحى رماد
فاستحال القلب نارا.. لاهبا
أضلعي..والعين غشاها السهاد
         * * *
قبلة الحب التي أنشدتها
قصة الأشواق والحب الوليد
بات قلبي في ثنايا أضلعي..
راكعا..في هيكل الحب المجيد
راح يتلو قصة الشوق التي
قد طواها الأمس والماضي البعيد
راح يحي عهد أحباب له
قد تناسوا ذكر هاتيك العهود
      * * *
إنها يا قلب آهات الوداع
 إنها يا قلب دمعات الرحيل
كم ذرفنا الدمع طلا..لا انقطاع
كم شكونا وحشة الدرب الطويل
كم سرينا بين أحضان الضياع
كم قضينا الليل ظمأى..لا دليل
نرتمي من قمة الوادي ..لقاع..
ما لنا فيه سوى الحزن الثقيل











سيبقى الشعاع
                                     "إلى الراحل العظيم..
                                     عبد الناصر"..

وقالوا..طواه الغروب الأخير
وعانق حتى مغيب الشفق
ومال الشعاع..
وغاب الشراع..
ليطوي رؤاه  ظلام الأفول
ويبقى وحيدا بليل الأفق
        * * *
ورحنا نجوب الدروب الحزينة
ونسأل عنك عويل الرياح
ونسأل عنك نحيب القمر
ونسأل حتى اصفرار الشجر
ونجثو لديك
ونشعر أنا نعيش الفراغ..ونحيا الملل
وأن الحياة بجوف المدينة..
عقم وموت..
وزيف كبير..
وأن الأمل..
يرادف معنى السراب المرير..
بمونك أنت..
بموتك أنت..
        * * *
وضجت بصوتك كل الدروب
ونادت بإسمك كل البقاع
بأن الشعاع
يلف الحياة بضوء جديد
وأن المغيب..
تخاذل حتى طواه الضياء
فعاد الشعاع يرش النهار بكل الوجود
      * * *
وكيف الغروب..؟
ومنك الضياء يخط بعمري أحلى روايه
وكنا نغيب بظلمة ليل كليل القبور
نطوق بالصبر آمالنا
نعانق في الصمت أحلامنا
ونحلم أن الصباح الجديد ينادي علينا
ليكتب بالضوء أحلى نهايه..
وكنت الشعاع يعود إلينا..
ليبدأ فينا فصولا جديدة..
ويوقظ منا احتضار الشعور..
ويرسل فينا نشيده..
وكنت النهار بكل الدروب
يطارد فينا شجون الليالي..
ويبعث فينا الضياء
ليغزو كهوف الظلام الثقيل بأعماقنا
ويغرس فينا النقاء..
وكنت.. وكنت..
            وكنت الحياه..
فكيف يقولون .. أن الشعاع طواه الغروب
وأنت بعمري أحلى روايه..
وأنت بعمري أحلى حكايه..
            * * *
سيبقى الشعاع..
يلف الحياة بضوء جديد
سيبقى الشعاع..
يرش النهار بكل الدروب
بكل البقاع..
سيبقى الشعاع..























عيناك
عيناك..أم طير يلوح بأفقي الخالي الغريب
يبدو مع الصبح الطليق ليختفي عند المغيب
لأهيم في وادي الضياع أسائل الدرب الرحيب
عن ذلك الطير المهاجر..أين أخفته الغيوب
* * *
عيناك..أم طل يروي قلبي الظامي الشفاه
أهفو إليه..وفي ضلوعي خافق يتلو الصلاه
حتى إذا ما مل..أسمع ربه مليون آه
فأجابه الطل الشفيق..فدتك أرواح الحياه
* * *
عيناك..أم نبع دفوق يمنح الخصب الأثير
يتراقص الليل المذاب عليه إن يشد الخرير
ويميل ينهل إن يرقرق ماءه سحر العبير
لأرى وجودي في عميق النبع..كالطفل الغرير
* * *
عيناك..أم ناي يرددغنوة الأمس الحزين
أنا افترقنا ذات يوم نرتوي ذوب الأنين
أنا التقينا عندما قد ماج في الصدر الحنين
قولي..أناي نرتوي من شدوه سحر اللحون؟
* * *
قولي وقولي.. أنني قد مل في صدري السؤال
وأنا اشتياق واحتراق وانتظار وانفعال
قولي بأنك فوق كل حقيقة..فوق الخيال
بل فوق أحلام الفؤاد..وفوق أصداء المحال

















الكتابة على الشفاه
ونقشت رسمي في الشجر..
وحفرت اسمي ..في الشجر
ورسمت قلبك يحتوي قلبي..ويرعاه القمر
وكتبت أنك لا تزال تحبني..مليون نره
وبأن حبك مثل هذا البحر عمقا..واتساعا
وبأن حبك مثل هذا الأفق..بعدا وارتفاعا
وحفرت اسمي في الشجر..
فلم الشجر..؟
وأنا شفاهي ظامئات..صاديات للمطر
فارسم عليها صورة الحب الجميل
واحفر عليها اسمي ..كما تهوى..
واكتب حكاية حبنا..فوق الشفاه..
فلسوف تحفظها الشفاه..
حتى الأبد..
ودع الشجر
فأنا شفاهي ظامئات..صاديات للمطر




شعرها
                                                    "إلى الصديقة..ليلى..."
لا تتركي القيد الكبير
يلهو بشلال الحرير
لا تتركيه..يا فتاتي..
يخنق الشعر السير
بل مزقي كل القيود..
              وحرري الليل الغرير
ليعود يحبو مثلما ..
يحبو على المهد الصغير
ويطير مثل فراشة قد شاقها الحسن النضير
متماوجا في خطوه
إن لفه سحر العبير
متأودا في وقعه..
يخطو على همس الغدير
يلهو بخديه النسيم..ويعبث البدر المنير
ولكم يعربد في الفضا
ولكم يعانقه الأثير
ليعود للصدر الحنون بغير أجنحة يطير
        * * *
لا تتركي القيد الكبير
يلهو بشلال الحرير
فلقد عشقتك يا فتاتي في تبذله المثير
وعشقت رقصته البديعة إن يوقعها الخرير
فلترحميه يا فتاتي..
واحذري القيد الكبير
فأنا أسير يا فتاتي في الهوى..وهو الأمير
إني أسير يا فتاتي في الهوى..وهو الأمير










حلمي عبد الغني سالم


*من مواليد 1951
*الراهب – شبين الكوم
*طالب بكلية الآداب – قسم صحافة







صديقتي الحزينه
لتمسحي الدموع عن رموشك الحزينه
فزورقي لا زال يحمل الخفوق والحنين
وزيت موقدي الضئيل
عليه رعشة حنونه صغيره
وجعبتي بها بقية من الرغيف والثمار
لنقتسم
لنقتسم طعام ليلنا القليل
وزبدنا القليل
ونبتسم..











الليل..والغربة..والأشواق
                                                            "إلى الصديق محمد"

يا صاحبي..
إنا شربنا الليل أشواكا تجرح قلبنا
                        وتمزق الحلم الوديع
يا صاحبي..
كنا على الدرب الحبيب
متراقصين كزهرة..
متعانقين يهزنا لحن الشروق
        يهزنا شجو المغيب
متناوبين بضمة..
مستبشرين يلفنا حلم جميل بالهجوع
في الدفء..في أحضان أم ..
        صدرها عش رحيب
             * * *
وعلى تأوهنا يذوب,
حلم جريح, بالسنا بالحب بالعيش الرطيب
يا صاحبي..
لملم رؤى الأمس الصريع
واشرب معي..
كنا معا بالأمس أطيافا تروم الدفء
          فالأحزان باردة..صقيع
واشرب..سراب حلمنا..
متمزق الخطوات, وما لن يؤوب
يا صاحبي..
من مزق الأشواق والأحداق من خنق الشموع
في غربة الأشواق نلهث في الصحاري والقفار
وندق أبواب الديار
ونسائل الديجور أن يحنو..
                        ونركع في خشوع
"إنا جرحنا يا إله الشوق رفقا
                               إن حلما في الضلوع
ينساق مغلولا بليل الشوق لا يدري نهار"
         * * *
وعلى تأوهنا يذوب
حلم جريح..بالسنا, والحب, والعيش الرطيب
يا صاحبي
لملم رؤى الأمس الكئيب
الشوق مكتوب..
وغربة قلبنا المجروح بحر ما للجته قرار
فاشرب رفيقي وانتحب..
                         فالحزن دار
سكنى للوعتنا, وضيعتنا على كل الدروب
اشرب
قتيل حلمنا
متبعثر الأشلاء..يوما لن يؤوب









إن جئت إليك
إن جئت إليك
إن جئت إليك بضعفي..
وبسيل مجنون من آهات
لا تذهب عني..لا تغضب
لا تترك دمعاتي تنحدر على صمت الصخرات
لا تسأم مني..
إن جئت بتعبي, إرهاقي
وأمسح حبات العرق الراقدة على جفني
قدم لي رشفات من طل الحب المسحور
كحل أهدابي بالنور
لا تجعل عينيك تضيق بأحزاني
إن ضقت..
انطفأ النجم الباقي في الأفق المهجور
لا تذهب عني
إن أرهقت جفونك بحديثي
أو أثقلت أناملك النورانية بكتاب الحب
افتحه يا حبي واقرأ .. هذي الخفقات
وارفق بالحرف يذوب على الحرف
وتمهل لا تمشي سريعا فوق الكلمات
واسمع تلك النبضات
هامسة باسمك..
راكعة بالقربان وبالصلوات
لا تذهب عني
إن أثقلـ أناملك النورانية بكتاب الحب
وبنجوى القلب
      * * *
إن جئت إليك بدمع القلب..تحملني
لا تجمع بسماتك في غضب كي ترحل
إن جئت ضعيفا ..محزونا..
أتعثر في خوفي.. أو أخجل
هدهد خطواتي الخائفة المرتعشة
وابسم لي بحنانك يا من تحنو..
                           أدفئني
إن جئت إليك بضعفي وبكائي ..هدهدني
لملم أحزاني, كلماتي الخافتة الوجله
لا تغضب مني
لا تغضب مني





































مزقيها

مزقيها
مزقي تلك الرسالة
أحرقي الحمقاء, هيا مزقيها
واتركيها
تلفظ الأنفاس حيرى
في ثلوج الصمت ليلا..كفنيها
واجعليها
قصة يتهكم الأصحاب والرفقاء
من حب خجول تحتويه ويحتويها
قصة تتضاحكين على حروف الطفل فيها
بعثريها
في ضباب الليل تشكو
ثم – إن جاشت بدمع في الدجى – لا تسمعيها
واسخري منها
ومن نبض الهوى الخجلان فيها
مزقيها يا فتاتي مزقيها













شئ ما في آخر الليل
فلتطفئ هذا السراج
فلتطفئ هذا السراج لسوف يأتي الضوء
         يجرحنا ويصلب خلف مشنقة الزجاج ..
أحلامنا, عيوننا, فلتطفئ هذا السراج
فالسهرة النشوى يبعثرها الضياء
واللحن يقبع لاهث الأنفاس
يرعش بارتياع حين قال الصوت:
               يا رفقاء جاء, الصبح جاء
أخشاه..
فوق ضيائه الجذلان قبري والفناء
أعرى
أخاف العري في وضح الضياء
وأود لو تمضي بي السفن القصية..
              نحو أصقاع بلا اسم .. بلا طعم..
                              بلا خبز وماء
أخشاه..
و أخشى لسعة الضوء الرهيبة خلف مشنقة الزجاج
أخشى الزجاج
في الضوء يكشفني .. يعريني ..
وأبدو خلفه قردا غريبا ..
عاري العورات ممزوق الرداء
فلتطفئ هذا السراج
سدي النوافذ كي نغيب, واحكي هذا الرتاج
كي لا يطل الضوء يكشف عورتي ..
ويجرني فوق الطريق
أمام كل الناس منزوع الرداء




بقايا
نثرت سنين مشواري ..
وجرح العمر في دربك
سكبت نجوم رحلاتي على هدبك
وقلت إليك آهاتي
إليك حصاد تغريبي, وأشواقي, وأحزاني
إليك هزيمتي الأولى
ودمعة قلبي الأولى.. ولوعاتي
نثرت سنين مشواري وجرح العمر في دربك
وقلت: فتاتي الحيرانة الخطوه
دعي خطواتك الحيرى
تعانق غربة الصبوه
                بخطواتي
وقلت: وليت لي غنوه
أغنيها لعينيك ..
وليت بجعبتي قيثارة النشوه
لكنت ركعت كالعشاق تحت نوافذ الحرقه
أغني فيك أشجاني
فتأتيني ابتسامة ثغرك الألقه
فأنسج من خيالاتي
وشاحا ذائب الأحلام والرقه
وليت ببسمة المجروح شطآنا
لكنت غزلت شطآني
نعاسا دافئا يحبو إلى بسماتك التعبه
وأحمل عنك صلبانا من الغربه
وأمسح ملح رحلتنا ..
لتصفو ضحكة عذبه
على شفتيك يا عمري
ولكنا هنا جوعي..
      غريبان
وما بالجعبة الظمأى سوى لقمة
وبعض مقاطع الشعر






























لو
فات القطار
يا رفقتي فات القطار
كان القطار يمر مرته الخيرة بالديار
لن نستطيع اليوم أن نمضي إلى مدن النهار
يا رفقتي
لو أننا ..
لم ننس أن نغزو بلاد الحزن في أعماقنا
وضياعنا
لو أننا..
لم ننس أن نقتات من أشواقنا
زاد التغرب والشجن
لو أننا كنا بكينا, أو حزنا
                      أو سئمنا من زمن
لغدا اللهيب بحلقنا..
طهرا نقيا..لا عفن
لو أننا
قد مزقتنا ذات ليل مقصلة
لغدت على أهدابنا
غصنا وريفا..سنبله
ولما بكينا وانتهينا حينما فات القطار
ولما صرخنا في التياع:
الصبح فات وحبنا دوما وداع
والعمر ضاع..


  




غرباء

غرباء عدنا للهوى
نمشي على ثلج الطريق
غرباء نجلس ثم في صمت نقوم فنفترق
غرباء يزحف بيننا
بعض الكلام..ويحترق
هذا هوانا..
نجمة في الأفق تذوي..تختنق
بالصمت بالخوف..المعربد..بالقلق
بالحزن يكسو وجهنا
حين التقينا في مناديل الشفق
هذا هو أنا
نجمة في الأفق تلهث..تختنق
بالملح يثقل رمشنا
بالشوك يمطر في اللقا كل الطرق
فإلى متى سنظل في درب الهوى
غرباء يزحف بيننا بعض الكلام ويحترق
وإلى متى
يخبو البريق من العيون يموت في الهدب الألق
وتموت في الحدقات أشواق ونار
                                كي نعود..لنفترق









لحظة صدق
                                                 "إلى (ب) الجميلة"
لو تجمعنا لحظة صدق..
لو نتلاقي, والخضرة تغفو في أعيننا..
والشمس الطفلية تحبو في مرح وردي فوق الأهداب..
أو تنساب شعاعات متناثرة فوق مناديل الأحلام
                 * * *
لو نطلق للدرب الممدود – الأقدام
تتمطى تحت أكف الشمس المعطاءه
تتعرى فيه من الثوب الثلجي..
تتبعثر كاللعب الحلوه في أيدي الأطفال
تتناثر موجات يتقاذفها المد إلى الشط المكسال
لتعود رويدا تتلم..
تجمعها لحظات الصدق..
               * * *
لو تعانق كفانا
تتلامس..تتهامس في نجوى دافئة طفلين صديقين
تغفو كف في كف في رحلة ذوب و موده..
يسقط  عنها صمت الليل وسور الليل
ورجفات الخوف المكسورة..
لو تتعانق كفانا في صفو وبراءة
حتى تسقط عن أعيننا أغلال الثلج المسودة
لأرى عينيك المانحتين
حقلين إخضرا من غير ربيع
قمرين انشقا من سحب الغيم الممتدة
كي ترقد عيناي المرهقتان بعينيك الطيبتين
فيرى كل ما صاحبه الأوحد
ويغطي كل منا صاحبه المقرور
من برد عشش فوق الأهداب
ثم نسير على درب ألفتنا فيه الأقدار
وتذوب خطانا في خطوه
في خطوة صدق..
                   * * *
لو نطلق هذي الكلمات
لو نطلق هذي الكلمات المسجونة في الحدقات
نطلقها تعبر فوق الأسوار السوداء
تكتب ما معنى أن تجمعنا في الدرب الواحد خطوات
لو ندرك ظمأ الكلمات
إذ تتقاذف خلف الأهداب حنينا لعناق ولقاء
لو ندرك روعة ا، تتعانق منا الكلمات
في لحظة صدق..
في لحظة صدق..




















وداع
                            "ثم قالت: لنكن أصدقاء"
هنيهة صمت..
وقالت: وداعا..
ودارت لتمضي..
سرابا تجلى لعيني وضاعا
وبعض الحروف على شفتي
تموت بصمتي جياعا جياعا
ودرب خلي..
أمد عليه بوهمي ذراعا
      * * *
وغابت..
ليبقى بحلقي صليب
وتبقى على مقلتي بقايا ضياء
بقايا ورود, بقايا لهيب
وآهة ذكرى
تطوف وترمي صداها ببابي الكئيب
وغابت..
وشمس على راحتي تغيب












يرحلون

ما زلت يا أصحاب
أحمل في دجى روحي بقايا من نقاء
ما زال يصخب في عروقي خافق للشعر,
                                للشدو الجميل
ما زال قلبي تدمع الخفقات فيه
إذا ترامى من بعيد نوح أسراب النخيل
إن زارها نعش الأفول
ومضى يوقع في اكتئاب لحنه الخابي الثقيل
لتلم شمس الحب طرحتها الحزينة
-        والشعاع على أناملها عليل –
وتغيب في ليل الأنين
لا ترحلوا دوني
خذوني
لا يزال بلحني الذاوي رنين
لا زلت أعشق – مثلكم – لغو الطيور                             
وطفولة النهر الصبي, ودمعة القمر الصغير                             
وأسطر الكلمات تعبى, تستريح على السطور
ما زلت أحمل في الدجى قيثارتي
وأحس في ليل البرودة – مثلكم –
بحنين الظامي إلى صدر حنون
لا زلت يا أصحاب
أحمل في دجى روحي بقايا من ضياء
لا ترحلوا دوني
خذوني
لا يزال بلحني الذاوي رنين
وأنا حنين للضياء, أنا حنين
وأنا..
سأرقص في بلاد الضوء رقصتكم
وأحلم حلمكم
أشدو من القلب الحزين
غنواتكم..
ويرف باللحن الصباحي الدفئ
قيثار أحزاني الصموت
وسيعبق النغم الذي لئم الليالي في خفوت
لا تتركوني في سراديب الشتاء
في وحدتي السودا, أموت
























صلاة إلى الكلمة

ذريني في الريح
ذريني في الريح إذا انطفأت يوما خفقات صلاتي
في محرابك
إن سئمت نجماتي من طول التسبيح على بابك
إن لملمت حروفي عن أعتابك
                  * * *
كوني لي النار
كوني لي الشمس, الوهج, النجم, الليل, الأعصار
في القحط المضني أمطار
كوني لي النار
تحرقني كيما يبقى ترتيلي في عتبات الحرف الصادق
قربانا يهديه العاشق
للمحبوب...
               * * *
أنت الرب
أنت الرب فإن أخطأنا
فالمغفرة ضياء الأرباب
مدي الزورق يحملنا للشط الساجي
يزرعنا في الأرض غلالا, أثمارا, أعشاب
                * * *
لمي عنك أثمارك, أغصانك
وارميني محروما, وفقيرا,
وذليلا من غير رداء
أو قولي للشط الساجي
ألا يفتح لي الحضن المعطاء
إن أبحرت إليه وكلماتي باردة,
يقعى الثلج عليها, خرساء
           * * *
يا ربي الأوحد..
إن بهتت أشواق العبد من الدمعة إذ أبكي
إن خفتت صلواتي
إن ركعت في باب آخر, لم تركع في بابك
فارميها في الديجور حطاما, وفتاتا وتراب
فسراب كل الأبواب
          * * *
لكن إن أخطأت فلم يأت الحرف
منصهرا كالذهب الخارج من كف الشمس
بل جاء جنينا من رحم تراب..
فابتسمي أن صليت عليك ولو بالصلوات المجروحة
وهبيني من كفك شمعات الدرب
إذ أنت الرب
أنت الرب فإن أخطأنا..
فالمغفرة ضياء الأرباب

















الطير المهاجر

أواه يا طيري المهاجر
جاء الربيع فهل تعود وهل سترجع يا مسافر
يا رحلة لا تعرف الآه الحزينة حين تسكن في القلوب
وتطوف ليلا في الدروب
أحزانها أزلية
أشواقها أبدية الأنات في الليل الكئيب



























  


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق